إدارة الطلبة ذوي الكفالات خلال الجائحة

لقد تشاركت أمديست مع منظمات حكومية وغير حكومية على مدى سبعة عقود لتنفيذ برامج المنح والتبادل الدراسي التي تزيد من الفرص لشباب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما منحهم فرص الدراسة والحياة في الولايات المتحدة، تلك الفرص التي من شأنها تغيير حياتهم. نادرًا ما كان يتوقع المرء أن هذه الفرص ستفضي إلى نتائج تغير حياتهم في ظل جائحة عام 2020.
 محمد الأسطل، أحد الدارسين ضمن برنامج صندوق الأمل يتخرج من جامعة أوريغون في أيار/ مايو 2020

لقد ثبت أن سنوات خبرتنا الطويلة لا تقدر بثمن منذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها كوفيد-19 في الانتشار في المجتمعات وحرم الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما حدا بطواقمنا إلى تغيير سرعتهم على الفور لمواجهة هذا التحدي غير المسبوق: كيف نضمن سلامة الطلبة من مختلف دول العالم، وصحتهم، ورفاهيتهم في مواجهة جائحة عالمية. يضم سجل طلبتنا في الولايات المتحدة حوالي 300 طالب وطالبة ضمن برنامج فولبرايت للدراسات العليا، و149 من الطلبة الجامعيين ضمن برامج صندوق الأمل وصندوق ديانا كمال للبحث عن المنح الدراسية (DKSSF)، و199 طالبًا وطالبة في المدارس الثانوية ضمن برنامج كينيدي- لوغار لتبادل الشباب والدراسة (YES). وكان من بينهم أيضًا 38 طالبًا جامعيًا مصريًا: تسعة منهم ضمن برنامج أُنسي ساويرس للمنح الدراسية والباقي ضمن الدراسة الخارجية من خلال برنامج المنح الجامعية العامة في مبادرة التعليم العالي الأمريكية-المصرية (HEI).

واصلت طواقمنا جل وقتها في معالجة الطلبات والقبولات للعام الدراسي المقبل. قرر برنامج YES، في وقت مبكر، عدم قدوم الطلبة إلى الولايات المتحدة هذا الخريف. أما بالنسبة للطلبة الذين تم قبولهم في برامج البكالوريوس والدراسات العليا، فقد كان الوضع أقل وضوحًا وعرضة للتغيير، ما تطلب من طواقمنا مساعدتهم في التنقل بين الخيارات. 

ضمان سلامة الطلبة ورفاهيتهم 

ما كادت تبدأ طواقم أمديست في العمل عن بُعد في منتصف شهر آذار/ مارس، حتى بدأ الطلبة الذين يتحملون مسؤوليتهم يشعرون بآثار الجائحة أيضًا. لقد لعبت المؤسسات الشريكة والعائلات المضيفة، والجامعات، المجتمعات في جميع أنحاء البلاد دورًا رائعًا لضمان سلامتهم وجعلهم يشعرون بأنهم موضع ترحيب في ظل الظروف الجديدة الشاقة.

كما لعبت طواقم أمديست في كلٍ من مقرنا الرئيسي ومكاتبنا الميدانية دورًا حاسمًا خلال هذه الفترة. فقد كانوا حلقة الوصل مع أولياء أمور الطلبة وعائلاتهم، مكلفين بطمأنتهم بأن أبناءهم وبناتهم في أمان، وبالأخص طلبة المدارس الثانوية البالغ عددهم 199 الملتحقين ببرنامج YES، والذين بقي العديد منهم مع أسرهم المضيفة لعدة أشهر حتى كان بالإمكان ترتيب عودتهم إلى أوطانهم.

كما وفرت طواقمنا أيضًا سبل الراحة والتوجيهات لطلبة مصر البالغ عددهم 38 الذين وجدوا أنفسهم فجأة عالقين في الولايات المتحدة، معزولين في الجامعات المضيفة، مع إغلاق المطارات المصرية أمام الرحلات الجوية التجارية، حتى تم الانتهاء من ترتيبات عودتهم إلى الوطن. تتذكر جينا بامتنان، وهي طالبة التبادل على مبادرة التعليم العالي (HEI) في جامعة ولاية كاليفورنيا في خليج مونتيري: "لقد دعمتني أمديست كثيرًا، واطمأنت علي وساعدتني في الحفاظ على هدوئي بعيدًا عن الذعر".

وتضيف أن التدريب على المهارات الحياتية لمبادرة التعليم العالي قد أعدها لمواجهة التحدي: "حتى قبل كوفيد-19، فقد تعلمت من خلال منحة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) الاستعداد لجميع السيناريوهات، واكتسبت المهارات للتأقلم مع الظروف الصعبة. تعلمت الحفاظ على إيماني وأملي، وعدم السماح لأشياء كهذه بأن تؤثر على أهدافي على المدى البعيد".

التمويل الطارئ 

خلقت أزمة كوفيد-19 تحديات مالية جديدة لبرامج صندوق الأمل وDKSSF. ارتفعت تكاليف السفر بسبب أسعار تذاكر الطيران الباهظة التي تم تكبدها حيث اضطرت الطواقم إلى ترتيب مسارات معقدة للرحلات وإعادة توجيه الطلبة عندما كان يتم إلغاء بعض مراحل الرحلة في اللحظة الأخيرة.

ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الطلبة البالغ عددهم 149 طالبًا في هذه البرامج، لم تكن العودة إلى ديارهم خيارًا لأنها كانت ستشكل أضرارًا كبيرة على دراستهم، أو أنهم واجهوا خطر عدم القدرة على الحصول على تأشيرة للعودة. ومع ذلك يشعر آخرون أنهم يستطيعون تغطية احتياجاتهم السكنية وتأمين عمل إذا أمكن.

مع تطور الأزمة، أصبح من الواضح أن بعض هؤلاء الطلبة سيحتاجون إلى تمويل طارئ لتغطية نفقاتهم، وهو ما قدمته أمديست. لاقت هذه المساعدة، التي قدمناها في ظل مواردنا المحدودة بالفعل، تقديرًا كبيرًا من الطلبة. وقالت فرح عبد الجواد، إحدى الدارسات ضمن برنامج صندوق الأمل، ومن الطلبة القدامى البارزين في جامعة دريكسل: "لقد أحدث هذا المبلغ فرقًا كبيرًا حقًا، وأنا ممتنة لذلك وشاكرة لجهودكم".

بقي جميع طلبة برنامجي صندوق الأمل و DKSSF على برنامجهم الدراسي المعتاد. ومن ضمنهم الخريجون القدامى لدينا: 11 من الدارسين ضمن صندوق الأمل و15 ضمن DKSSF الذين نجحوا في التحول إلى التعلم عبر الإنترنت خلال الفصل الدراسي الأخير حيث تمكنوا من إكمال برامجهم والتخرج - وإن كان ذلك دون الضجة التقليدية المرتبطة بهذا الحدث الهام في حياة الشباب.

وقد تخرجوا أيضًا في وضع اقتصادي ضعيف، مع القليل من فرص العمل، ما يشكل تحديًا جديدًا لطلبتنا ذوي الدهاء للتغلب عليه – فلدى معظمهم طريقتهم الخاصة للتخرج من الجامعة، وإيجاد فرص العمل في إطار برنامج التدريب العملي الاختياري (OPT) لاكتساب الخبرة العملية في مجالاتهم، أو إيجاد الفرص في بلدانهم الأصلية.

تحديات فصل الخريف الدراسي 

مع اقتراب فصل الخريف، تعكف طواقم أمديست على مساعدة الطلبة للتغلب على التوجسات الجديدة فيما تدرس الكليات والجامعات ما إذا كانت ستقدم خيارات التعلم داخل الفصول الدراسية، أو عبر الإنترنت أو التعليم المدمج- وهي قرارات تتغير بوتيرة غير مستقرة. أما بالنسبة لطلبة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) الذين تتطلب برامجهم الحضور الشخصي أو الأبحاث، فإن فصل الخريف الافتراضي قد يحرف برنامجًا تعليميًّا من أربع سنوات عن مساره ويوقف المنحة الدراسية أو متطلبات تأشيرات الطلبة.

تعمل طواقمنا مع هؤلاء الطلبة للتأكد من تمديد منحهم الدراسية إلى ما بعد السنوات الأربع التي تغطيها المنح إذا لزم الأمر. ويُنصح الطلبة القادمون حديثًا بضرورة مراعاة التأجيل إلى الربيع لأن التكيف مع الحياة الطلابية في الولايات المتحدة في حرم جامعي فارغ سيكون مثيرًا للتوتر.

كما واجه 108 طلاب ممن خططوا للبدء ببرامج فولبرايت هذا الخريف حالة من التوجس، ولكن مع تخطيط العديد من الجامعات الآن لفصل الخريف كاملاً عبر الإنترنت، سيبقى العديد منهم في بلدانهم الأصلية، بينما سيأتي آخرون لحضور الدروس شخصيًا أو في برامج مهجنة. قرر البعض أو أجبروا على التأجيل إلى فصل الربيع بسبب التوجس والتحديات الأخرى المتعلقة بترتيبات السفر والتأشيرات.

"لقد كانت هذه فترة حرجة بالنسبة لأمديست. فقد اضطررنا فجأة إلى الموازنة ما بين ضرورة ضمان بقاء طلبتنا آمنين وبصحة جيدة وبين قلقنا المستمر على استمرار تقدمهم في برامجهم وجني ثمار تجربة التبادل. ويضاف إلى هذه الأولويات المزدوجة التحدي المتمثل في ضمان العودة الآمنة لأولئك الذين يرغبون في العودة إلى أوطانهم. لقد كانت المهمة شاقة، ولكن طواقمنا وطلبتنا، وبدعم من المانحين وشركائنا وغيرهم الكثير من المهتمين، ارتقوا إلى مستوى التحدي،" على حد قول كريستوفر باورز، نائب رئيس أمديست لبرامج التبادل.