إحدى طالبات برنامج فولبرايت تتطلع لأن تصبح ناطقة عالمية باسم اللاجئين الفلسطينيين

جامعة بارك، بنسلفانيا – نشأت حنين شعث في غزة في ظل حرب شبه مستمرة وقيود شديدة على المعابر الحدودية، ولم تُتَح لها أبدًا الفرصة لتسافر في العالم كما كانت ترغب دائمًا. كل ذلك تغير عندما حصلت على منحة دراسية من خلال برنامج فولبرايت للطلبة الأجانب، وهي المكافأة التي مكنتها من التسجيل في برنامج الماجستير في كلية الشؤون الدولية (SIA) بجامعة ولاية بنسلفانيا في خريف عام 2022.

في كلية SIA، اختارت شعث التركيز على السياسة العامة الدولية بالإضافة إلى التركيز المخصص لحقوق اللاجئين. الآن، وهي تدخل عامها الثاني والأخير في البرنامج، تركز شعث على إكمال متطلبات الماجستير لتنطلق في مسيرتها المهنية كمدافعة عالمية عن اللاجئين الفلسطينيين.

تعمل الحرب، والعنف، والقيود المفروضة على السفر على الحد من فرص دراسة الفلسطينيين في الخارج. وفقًا لبيانات الأبواب المفتوحة (Open Doors Data) من معهد التعليم الدولي (IIE)، كان هناك فقط 485 طالبًا من غزة والضفة الغربية يدرسون في جامعات الولايات المتحدة في العام الدراسي 2021-2022. في خريف عام 2022، كانت شعث واحدة من ثلاثة طلبة من الأراضي الفلسطينية مسجلين في ولاية بنسلفانيا، وجميعهم في جامعة بارك، وفقًا لملخص بيانات ولاية بنسلفانيا.

وتقول شعث إن السبب في ذلك يُعزى جزئيًا إلى صعوبة السفر والدراسة في الخارج بالنسبة للفلسطينيين، فالكثير من الناس في الولايات المتحدة لا يعرفون أي شخص من الأراضي الفلسطينية؛ وقد تكون الصورة الوحيدة المتوفرة لديهم عن الفلسطينيين هي تلك المستوحاة من وسائل الإعلام التي تغطي الصراع الطويل الأمد مع إسرائيل. وتأمل شعث أنه من خلال التفاعل مع مجتمع ولاية بنسلفانيا، يمكنها المساعدة في توسيع هذه المفاهيم.

"لقد نجوت من أربع حروب وعدد من حالات التصعيد، ولكن بالرغم من كل هذه الصراعات، فإن الفلسطينيين يريدون العيش والتمتع بحياة جيدة تمامًا مثل بقية شعوب العالم،" تقول شعث.

برنامج فولبرايت يفتح أبوابه

على الرغم من مواجهة العديد من العقبات والصعوبات لمدة طويلة، إلا أن شعث قد تفوقت أكاديميًا كطالبة جامعية وحصلت على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من الجامعة الإسلامية بغزة في عام 2019. وأخذت البكالوريوس في ثلاث سنوات فقط، ومع مرتبة الشرف، في حين كانت تعمل أيضًا مع منظمات دولية بما في ذلك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (UNRWA) ولجنة أمريكا لخدمة الأصدقاء (AFSC).

وكانت أيضًا جزءًا من المجموعة التي حصلت على المركز الأول في فلسطين في تحدي جيل الشباب اللامحدود، وهي مبادرة ترعاها الأمم المتحدة تتحدى الشباب "للمشاركة في وضع حلول مبتكرة وتقديمها على نطاق عالمي". قام فريق شعث بتطوير استراتيجية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل.

لقد ساعدها عملها الجاد على الفوز بمنحة دراسية من خلال برنامج فولبرايت للطلبة الأجانب، وهو برنامج تنافسي للغاية يعمل على تمكين الطلبة الدوليين والمهنيين الشباب من الدراسة وإجراء الأبحاث في الولايات المتحدة. وقالت شعث إنه لولا منحة فولبرايت لما تمكنت أبدًا من متابعة الدراسات العليا خارج غزة.

وتمثلت الخطوة التالية في تحديد الجامعة الأنسب لها. من خلال العمل مع المستشارين في أمديست، وهي منظمة غير ربحية تتخذ من واشنطن العاصمة مقرًا لها، وتدير برنامج فولبرايت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انجذبت شعث إلى ولاية بنسلفانيا وكلية الشؤون الدولية.

"اعتقدت أن البيئة والثقافة في ولاية بنسلفانيا ستكون مناسبة تمامًا بالنسبة لي،" تقول شعث. "كما أنني أحببت فعلاً تنوع أعضاء الهيئة التدريسية هنا الذين يتمتعون بالخبرة في العديد من المجالات المختلفة، وأحببت كل الإرشادات الداعمة التي حصلت عليها في SIA".

الفرصة في جامعة ولاية بنسلفانيا

ركزت شعث خلال عامها الأول في SIA على دراستها وتواصلها مع أساتذتها، بالإضافة إلى إجراءات التأقلم الشخصية والثقافية التي صاحبت أول رحلة لها خارج غزة.

"لقد تواصلت مع العديد من الأساتذة الذين أثْرَوا تجربتي، وتعلمت منهم الكثير"، على حد قولها. "وباعتباري طالبة دولية، فإن الحصول على دعم الهيئة التدريسية أمر مهم".

الآن وقد بدأت عامها الثاني، تستفيد شعث من الفرص المتاحة للقيام بمزيد من المشاركة. فقد عملت طوال الصيف كباحثة مساعدة، وستعمل في فصل الخريف كمدرسة مساعدة مع الدكتور مير سار، وهو أستاذ مشارك في القضايا الدولية والدراسات الأفريقية، في مساق الاقتصاديات الدولية الذي يدرسه.

يقول د. سار "إن حنين طالبة متفانية لا تردعها الصعوبات والمشقات، وقد تفوقت في مساق يجد فيه العديد من الطلبة صعوبة بالغة. لقد اخترتها كواحدة من مساعديَّ في التدريس نظرًا لشغفها في مشاركة خبرتها ومعرفتها لمساعدة زملائها الطلبة في عملية تعلمهم".

بالإضافة إلى دوراتها الدراسية في مواضيع مثل السياسة، والدبلوماسية، والإحصاء، فإن تجارب شعث خارج الفصول الدراسية ومع الأساتذة ستساعدها على تطوير مجموعة واسعة من المهارات والمعرفة التي يمكن أن تطبقها في حياتها المهنية.

تقول شعث: "وفيما يتعلق بالعمل مع اللاجئين، عليك أن تعرف كيف تتعامل مع الإحصائيات والأرقام، ولكن عليك أيضًا أن تكون دبلوماسيًا وتفهم السياسة لتعرف كيفية التعامل مع الجانب السياسي". 

نظام داعم من أجل النجاح

يحتاج كافة الطلبة الدوليين للدعم من أجل النجاح أثناء دراساتهم في الخارج، وإلى ما هو أكثر من ذلك عندما تكون هذه تجربتهم الدولية الأولى، كما هو الحال مع شعث.

في SIA، تتلقى شعث الدعم من ثلاثة مستشارين–أكاديمي، ومهني، وخدمات طلابية– وهذه يتم تقديمها لكافة الطلبة في البرنامج. كما أنها تتمتع بإمكانية الوصول إلى الاستشارة والدعم من مكتب استشارات الطلبة والباحثين الدوليين (ISSA) داخل جامعة ولاية بنسلفانيا العالمية، والذي يقوم بمساعدة الطلبة الدوليين الوافدين والمسجلين لدى شؤون الهجرة والتأشيرات في الولايات المتحدة ويقدم لهم المشورة بشأن وضعهم طوال فترة تسجيلهم في ولاية بنسلفانيا.

بصفتها إحدى الدارسات على برنامج فولبرايت، تحافظ شعث على تواصلها مع مستشاري أمديست الذين وصفتهم بأنهم "مفيدون للغاية" في كل الظروف، ولا سيما مع التعديلات الثقافية على الحياة في والولايات المتحدة. 

ولكن الدعم الأهم يأتي من العائلة.

ولكونها تستخدم الكرسي المتحرك، تحتاج شعث للدعم من والدتها، مها شعث، لمساعدتها على أداء أنشطة حياتها اليومية.

لم يكن من السهل على مها اتخاذ القرار بالانضمام إلى حنين لمتابعة دراساتها في كلية الشؤون الدولية (SIA) بجامعة ولاية بنسلفانيا؛ ونظرًا لأنها لا تتحدث الإنجليزية وتعد هذه أيضًا رحلتها الأولى إلى الخارج، فإن تأقلم مها مع الحياة في الولايات المتحدة يمثل من بعض النواحي تحديًا أكبر من تأقلم حنين. ومع وجود سبعة أطفال آخرين، من بينهم ثلاثة تحت سن 18 عامًا، تركتهم خلفها يعيشون في غزة، فإن مها تقدم تضحيات كبيرة لتكون هنا.

لكن مها تقف إلى جانب ابنتها في جميع الأوقات، ويغمرها الشعور بالاعتزاز وهي ترقب حنين في سعيها لتحقيق أهدافها.

تقول حنين: "لولا دعم أمي لما كنت تلك الإنسانة الناجحة كما أنا اليوم، لم يكن من السهل على أمي اتخاذ القرار بالقدوم إلى هنا، ولكنها تريدني أن أحقق أحلامي، وتريد مساعدتي في تحقيق ذلك".

** تم نشر هذا المقال في البداية من قبل كلية الشؤون الدولية بجامعة ولاية بنسلفانيا.